شيخة المقارئ.. أم السعد علي نجم أيقونة الإقراء النسائي في مصر

عائشة خميس
شيخة المقارئ.. أم السعد علي نجم أيقونة الإقراء النسائي في مصر


عند الحديث عن تاريخ المقارئ المصرية في العصر الحديث، يبرز اسم الشيخة أم السعد علي نجم كواحدة من العلامات الفارقة في مسيرة الإقراء وتحفيظ القرآن الكريم، إذ مثّلت نموذجًا فريدًا للمرأة العالمة التي وهبت حياتها كاملة لخدمة كتاب الله، حتى رحيلها عن عالمنا عام 2006 بعد رحلة حافلة بالعطاء والعلم.

منصة مصر الإخبارية

وُلدت الشيخة أم السعد عام 1925 بقرية البندارية التابعة لمحافظة المنوفية، وفقدت بصرها وهي في عامها الأول، إلا أن هذه المحنة تحولت إلى منحة، حيث امتلكت بصيرة علمية وروحية قادتها لتصبح أول امرأة في العصر الحديث تحصل على إجازة في القراءات العشر، وتُعرف بين أهل القرآن بلقب “شيخة المحفظين وخادمة القرآن”.

منصة مصر الإخبارية

محطات بارزة في مسيرتها العلمية

انتقلت الشيخة أم السعد في طفولتها إلى محافظة الإسكندرية، وهناك بدأت رحلتها الجادة مع حفظ القرآن الكريم، حتى أتمت حفظه كاملًا وهي في سن الخامسة عشرة، لتبدأ بعدها مرحلة التلقي والتخصص في علم القراءات.

منصة مصر الإخبارية

وتتلمذت على يد الشيخة نفيسة بنت زيد، إحدى أعلام الإقراء، ولازمتها سنوات طويلة حتى أتمت القراءات العشر الصغرى والكبرى، ونالت الإجازة وهي في السابعة والعشرين من عمرها، في وقت كان هذا العلم حكرًا على قلة من الرجال.

منصة مصر الإخبارية

ومن بيتها المتواضع في منطقة بحري – حارة الشمرلي بالإسكندرية، أسست مدرسة قرآنية غير رسمية، خرجت أجيالًا من القراء والعلماء، حيث اعتادت الجلوس من بعد الفجر وحتى العشاء، لا تمل من التصحيح والتلقين والتحفيظ.

منصة مصر الإخبارية

تلميذها الأشهر.. القارئ الطبيب أحمد نعينع

يُعد الدكتور أحمد أحمد نعينع، القارئ والطبيب المعروف، أبرز تلاميذ الشيخة أم السعد، حيث حصل على إجازة القراءات العشر على يديها، وكان يذكر دائمًا دقتها الشديدة وهيبتها في مجلس القرآن، مؤكدًا أنها لم تكن تجامل أحدًا في أحكام التجويد أو مخارج الحروف مهما بلغ شأنه.

منصة مصر الإخبارية

منهج صارم في التحفيظ والإقراء

تميّزت الشيخة أم السعد بمنهج علمي صارم، حيث كانت تشترط الحفظ المتقن الكامل قبل الشروع في دراسة القراءات، وتُلزم طلابها بالختم كاملًا غيبًا أمامها، وهو ما جعل الإجازة التي تمنحها ذات قيمة علمية عالية.

منصة مصر الإخبارية

كما عُرفت بعلو سندها، إذ كانت حلقة مهمة في سلسلة الإسناد المتصل إلى النبي ﷺ، ما جعل بيتها مقصدًا لطالبي السند العالي من داخل مصر وخارجها.

منصة مصر الإخبارية

وعاشت الشيخة حياة زهد خالصة، فلم تتقاضَ أجرًا على تحفيظ القرآن، وكانت تردد دائمًا: “وهبت حياتي للقرآن، ومن يخدم القرآن يخدمه الله”.

منصة مصر الإخبارية

أبرز من حصلوا على إجازتها

لم يقتصر تأثير الشيخة أم السعد على تلميذ واحد، بل خرج من مدرستها عشرات القراء، من بينهم الشيخ محمد فريد السنديوني قارئ إذاعة القرآن الكريم، والشيخ كامل إبراهيم أحد كبار قراء الإسكندرية، والشيخ عبد الحميد منصور الذي لازم مجلسها سنوات طويلة حتى أتم القراءات العشر.

منصة مصر الإخبارية

كما قصدها طلاب علم من خارج مصر، خاصة من السعودية والإمارات والكويت، إضافة إلى طلاب من باكستان وأفغانستان، الذين أبهرتهم قدرتها على تقويم ألسنتهم العربية وإتقانهم للتلاوة الصحيحة.

منصة مصر الإخبارية

حقائق لافتة من مجلسها القرآني

كانت الإجازة عند الشيخة أم السعد لا تُمنح بسهولة، إذ قد يستغرق الطالب سنوات ليحصل على إجازة في رواية واحدة فقط، نظرًا لشروطها الصارمة في الإتقان والحفظ الغيبي.

منصة مصر الإخبارية

ومن الطرائف اللافتة في سيرتها أن زوجها، الشيخ محمد فريد نعمان، كان أحد تلاميذها في البداية، قبل أن تجمعهما رابطة الزواج، ليشكلا معًا نموذجًا فريدًا للشراكة في خدمة القرآن الكريم.

منصة مصر الإخبارية

إرث باقٍ بقاء الزمان

لم تترك الشيخة أم السعد علي نجم مؤلفات مكتوبة، لكنها تركت ما هو أعظم، وهو إرث بشري حي يتمثل في مئات القراء والمحفظين الذين يحملون إجازتها وينقلون علمها في مختلف بقاع العالم، لتظل سيرتها شاهدًا على الدور التاريخي للمرأة في حفظ ونقل القرآن الكريم عبر الأجيال.

منصة مصر الإخبارية